مفهوم علم النفس
تمتد جذور علم النفس عميقاً في شجرة المعرفة الإنسانية منذ التأملات الأولى للحياة والإنسان، غير أنه لم يظهر كعلم مستقل له موضوعه الذي يدرسه و ه وفقاً لمناهج متطورة إلا مع بداية القرن الثامن عشر، وحتى القرن العشرين، وكان آخر العلوم استقلالاً عن الفلسفة
تعريف علم النفس
هو العلم الذي يهتم بدراسة السلوك بهدف فهمه، وضبطه، والتنبؤ به والتحكم فيه . ولهذا التعريف ثلاثة أركان هي :
- العلم : ويقصد به مجموعة المعارف المنظمة التى جمعت باستخدام الملاحظة والقياس ، والتجربة.
- السلوك : هو كل نشاط مادي كالحركة أو معنوي كالتفكير يصدر عن الكائن الحي نتيجة لتفاعله مع ما يحيط به من ظروف بيئية، وما يتأثر به من مثيرات.
- علم النفس لا يتخذ الإنسان فقط موضوعاً لدراسته بل الحيوان أيضا فهو يهتم بدراسته، ويجعله موضوعاً لتجاربه.
أهمية علم النفس
- للحضارة البشرية جانبين : إنساني، ومادي. والإنسان يستخدم الجانب المادي لمنفعته في الحياة.
- الإنسان شخصية متميزة تتفاعل مع المحيط المادي يتخذها علم النفس موضوعا لدراسته.
- وبتطور المجتمع البشري تكون اتجاه عام حول أهمية علم النفس في مختلف جوانب الحياة، وكان لدراسة سلوك الإنسان وشخصيته أثر في حل وتجاوز كثير من مشکلات المجتمع والإنسان عموماً .
أهداف علم النفس
الفهم: يعني الربط بين الظاهرة السلوكية موضوع الدراسة، وبعض المتغيرات او الظروف الأخرى المستقلة عن الظاهرة ولكنها تسهم في إحداثها.
وعلم النفس يسعى إلى :
أ - فهم السلوك وتفسيره ومن خلاله نفهم تصرفاتنا، وتصرفات من يحيطون بنا ، و تربطنا بهم المعاشرة ، وما ينجم عنها من صلات، وعلاقات متشابكة متداخلة
ب - التنبؤ بما سيكون عليه السلوك من خلال فهمه أولاً، ثم التنبؤ بالجـديـد منه؛ للتمكن من التوجيه قبل الوقوع في الخطأ، وإهدار الوقت والجهد.
ج - ضبط السلوك والتحكم فيه بما يفيد من توجيه وإرشاد وتحقيق النجاح، والتقدم والإفادة من الخبرات السابقة.
نشأة وتطور علم النفس
متى بدأ علم النفس ؟
بدأ الاهتمام بالنفس أو الروح والعقل، وتأمل قدرات الإنسان، وسلوكه في إطار الأساطير القديمة، وعبر الحضارات الإنسانية المختلفة، وخصوصاً حضارات الشرق القديم كبابل، ومصر والهند والصين والحضارة اليونانية وغيرها من الحضارات التي شغلها الإنسان، وظل علم النفس عبارة عن تأملات شائعة ، ولكنه كعلم له موضوعه استقل عن الفلسفة مع بداية ظهور المنهج التجريبي على يد ( فرنسيس بيكون ) في أواخر القرن الثامن العاشر ، وبدأت عدد من المدارس والاتجاهات المختلفة في الظهور، ويمكن تلخيص مراحل تطور علم النفس كما يأتي :
۱- مرحلة دراسة الروح :
حيث كان هناك خلط بين النفس والروح في إطار تأملي فلسفي كما عند سقراط ( اعرف نفسك ) ، وتطور مفهوم النفس على يد تلاميذه؛ ولكنه أيضاً من منظور قيمي فلسفي باعتبار النفس أحد ظواهر الطبيعة، وعلومها .
۲- مرحلة الدراسات النفسية عند المسلمين :
جاءت دراسة النفس أكثر تطوراً عند علماء المسلمين، كالغزالي، وابن سينا، والفارابي، وابن رشد الذين تناولوا مظاهر سلوك النفس وقواها التي تناظر مكوناتها حاليا، وبحثوا في الإدراك ولا سيما ابن سينا الذي ألف كتابا أسماه : ( رسالة في النفس ) حاول تفسير الإدراك الحسي، والتذكر، والحفظ، وأنواع الذاكرة، وتناول الانفعالات التي أسماها : الأحوال النفسية، وأسهب في وصف الأمراض النفسجسمية أي : ( الأمراض الجسمية الناتجة عن أمراض نفسية )،
وكانت له تجارب يحفظها التاريخ في معالجة حالات من المرض النفسي
والأمراض العقلية ، كما العلماء الآخرون بالسلوك كالغزالي الذي ربط بين الإحساس، والإدراك، والسلوك، وميز بين أشكال السلوك المختلفة، ودوافعها . أما الفارابي فقد أهتم بالاسس النفسية للتكامل الاجتماعي، واهتم الشوكاني بالتعلم والتحصيل وما يزال علماء الغرب يستشهدون، ويستفيدون من تلك المرحلة حتى اليوم.
٣ - مرحلة دراسة العقل :
في العصور الوسطى انقسم المهتمون بدارسة الإنسان إلى قسمين قسم اهتم بدراسة الروح، وقسم اهتم بدراسة العقل، وفي بداية العصر الحديث ميز ( ديكارت ) بين الجسم والنفس، وذكر بأن الغدة الصنوبرية في المخ تربط بين العقل أو النفس والجسم ، وقال إنها مسئولة عن كل العمليات العقلية كالإدراك، والإحساس، والتصور، والخيال.
٤ - مرحلة دراسة الشعور :
بتطور موضوع علم النفس أخذت تتطور مناهج البحث، وأصبح العقل مرادفاً للنفس، وعمله يتجسد في الإحساس، والشعور الذي يتضمنه الانفعال، والميول وصار في تلك المرحلة يعرف بعلم الشعور، وبدأ بالانفصال. الفلسفة، وكانت تتم دراسة الشعور عن طريق الاستبطان .
٥ - مرحلة دراسة السلوك :
يبدو الاستبطان صعب الاستخدام مع الأطفال والكبار غير الأصحاء نفسياً، أو عقلياً. فالاستبطان معناه أن يتجول الفرد في داخله،
ويتأمل أحواله النفسية، ويتحدث عنها تماماً كما يشعر بها الطبيب، أو الباحث، وكان من غير السهل ممارسة ذلك مع الأطفال والمرضى النفسيين والمرضى العقليين، ولذا لجأ الباحثون إلى دراسة السلوك، وصار السلوك موضوع علم النفس.
فالسلوك مظهر عام للخبرات الشعورية واللاشعورية، ويمكن دراسته ورصده بيسر.
وهنا ظهر المنهج التجريبي في علم النفس عام ۱۸۷۹م على يد الألماني ( فونت ) الذي أنشأ أول معمل لعلم النفس، ثم انتشرت بعد ذلك الدراسات والاتجاهات النفسية العلمية.