مناهج البحث في علم النفس
يعتمد علم النفس المعاصر على المنهج العلمي في البحث والتجريب، ويقصد بالمنهج : مجموعة الطرق والأساليب المتبعة في البحث والدراسة للوصول إلى النتائج والقوانين العامة والنظريات .
غير أن علم النفس في بدايته الأولى لم يتبع المنهج العلمي، بل جرب عدة مناهج وطرق، وفيما يلي نتابع تطورها ونتعرف إلى خصائص كل منها :
أ - الاستبطان :
الاستبطان : يعني انعکاس الشعور على نفسه انعكاساً مباشراً ومقصوداً بملاحظته والتعبير عنه تعبيراً لفظياً يمكن دراسته وتحليله.
ويعتمد على ملاحظة وتأمل المريض، أو حتى الفرد الصحيح لنفسه، ومراقبة مشاعره وأفكاره وآلامه إن وجدت والتعبير عنها لفظياً، ويمكن دراسته، وتحليله عن طريق الوصف المباشر لأي طبيب، وتحديد مكان الألم، ومرات تكراره، والمظاهر المرتبطة به كالغثيان وهكذا .
والاسـتـبـطـان مـنـهـج قـديم أفاد منه علم النفس في معرفة ما يعانيه الفرد خاصة أنه أدرى بما يعاني محاولاً التعبير عن الانفعالات والمشاعر. كما أن الاستبطان يساعد المريض على التخلص عبر الحديث عن جزء من الألم ، ويعتمد على دقة الفرد، وقدرته في التعبير، وقد
تعرض للنقد؛ لأنه يعتمد على الذاتية في الحكم والتقدير اللذين يرجعان للمريض ذاته.
والاستبطان يجعل الإنسان يراقب ذاته بذاته، ويعبر عنها وهنا قد يكون غير دقيق، أو غير دقيق تماماً. كما أنه أسلوب غير مناسب لغير الأسوياء فالأطفال، والمرضى لا يستجيبون له ولا يقدرون عليه.
ب - الملاحظة الخارجية :
وفيه يقوم الباحث بملاحظة الفرد ملاحظة خارجية، ويدون كل ما يقوم به من سلوك، ثم يحاول تفسيره، وتستخدم الملاحظة حتى اليوم كالاستبطان، ولكن بحدود الحاجة إليها.
وعبر الملاحظة تجمع معظم خصائص وسمات المراحل، والظواهر النفسية، وعن طريقها تجمع المعلومات كمية كانت أو كيفية فيتم مثلا رصد عدد مرات بكاء الطفل، وشدتها في كل مرة، وأسبابها، وتكون الملاحظة مقيدة بزمن محدد، ولا يمكن تعميم أحكامها، فمثلا عندما تتدخل مشاعر وعواطف ، وأفكار الملاحظ في تقييم الملاحظة، أو تتدخل قدراته ( سرعته، ودقته ) في رصد الملاحظة؛ فإننا نجد اختلافا في رصد وملاحظة ظاهرة واحدة. كما أننا لا نستطيع ملاحظة الوقائع نفسها، وإنما ملاحظة مظاهرها، وانعكاساتها، وقد يتصنع الملاحظ فلا يكون تلقائياً، كما أن وجوده مع الملاحظ ( المفحوص) قد يؤثر عليه، ولهذا ينبغي أن تحدث الملاحظة في غرف خاصة، أو معامل تسمح برؤية الملاحظين للمفحوصين دون أن يتأثروا بوجوهم، وهذا أقرب للموضوعية.
ج - المنهج التجريبي :
بعد هذا المنهج أحدث وأهم وأفضل المناهج المستخدمة في علم النفس، وفيه يقوم الباحث على اتباع الخطوات المعروفة نفسها من تحديد المشكلة بعد الشعور بها ، وفرض الفروض والتحقق منها، ومن ثم التوصل إلى النتائج والقوانين. ويسمح هذا المنهج بتكرار الملاحظات والدراسات تحت الشروط نفسها مما يتيح للباحث الفرصة للتثبت من النتائج.
د - المنهج الإكلينكي ( العيادي ) :
وفي هذا المنهج يذهب المرضى إلى العيادات النفسية التي تشبع بعض الاتجاهات المنهجية السابقة، أو معضمها بغية تشخيص حالتهم المرضية وعلاجها، وذلك بحسب حالة المريض، وقدراته.
بعض مدراس علم النفس
يوجد في علم النفس اتجاهات وتيارات فكرية وعلمية فيما يخص مناهج وطرق البحث في علم النفس حيث تتفق تلك الاتجاهات والتيارات في بعض الآراء، وتختلف في البعض الآخر، ويستفيد بعضها من بعض، وتسمى تلك الاتجاهات، والتيارات بالمدارس.
- المدرسة المعرفية :
وهي من أقدم الاتجاهات الباحثة في علم النفس وتهتم في دراستها للفرد من ناحية تحصيله للمعرفة فهي ترى أن الفرد كالصفحة البيضاء التي تملأ بالمعرفة من قبل المجتمع والأسرة والمدرسة. ولهذه المدرسة رواد ومؤيدون لآرائها المتعلقة بالتعلم والتحصيل؛ لكنها كغيرها الحق، والسبيل الأوحد لفهم وتحليل شخصية الفرد، وتفسير سلوكه بغرض تعديله .
- المدرسة التحليلية :
من المدارس لها أنصار، ومناهضون .. يقودها مجموعة من الرواد في مجال علم النفس الذين يرون أن السلوك هو المعيار
- المدرسة السلوكية :
تأتي هذه المدرسة لتكون اتجاهاً متطوراً في علم النفس يعتمد على تحليل وتجزئة سلوك الفرد : شعوراً ولا شعوراً، ولها آراء كثيرة فيما يخص بعض العقد، والمشكلات النفسية، وعلى الرغم من تطور هذه المدرسة إلا أن لها لها ،أنصاراً، ومعارضين كغيرها من المدارس السابقة.