0 تصويتات
في تصنيف تعليم بواسطة (2.0مليون نقاط)

بحث تخرج بعنوان بيان الجنة ونعيمها من خلال القرآن والسنه

الفصل الأول :

المبحث الأول : تعريف الجنة لغة واصطلاحاً

الجنة لغة: البستان، ومنه الجنان، والعرب تسمي النخيل: جنة.

وفي مختار القاموس: الجنة الحديقة ذات الشجر والنخل، وجمعها: جنان.

والجنة في الاصطلاح: هو الاسم العام المتناول لتلك الدار التي أعدها الله لمن أطاعه، وما اشتملت عليه من أنواع النعيم، واللذة، والبهجة والسرور، وقرة العين. 

أما أسماء الجنة، فيقول ابن القيم رحمه الله في أسماء الجنة ومعانيها واشتقاقاتها: (ولها عدة أسماء، باعتبار صفاتها، ومسماها واحد باعتبار الذات فهي مترادفة من هذا الوجه، وتختلف باعتبار الصفات، فهي متباينة من هذا الوجه)،

وأصل اشتقاق هذه اللفظة من الستر، والتغطية، ومنه سمي الجنين؛ الاستثاره في البطن، ومنه سمي البستان جنة؛ لأنه يستر داخله بالأشجار، ويغطيه.

المبحث الثاني : نعيم الجنة

نعيم الجنة إذا رضي الله تعالى عن أحد عباده فأدخله جنته، كان ذلك أعظم فضل ونعيم قد غمره طوال عمره، فإنّه من دخل الجنة كانت نهاية أحزانه وشقائه وفقره ومرضه وبأسه، وبداية لكل حياة وسعادة وصحة وسرور، لا ينقضي فينتهي، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم- في وصف غمسة واحدة في الجنة يؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيُصبغ صبغة في الجنَّة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط ... ، وذلك لأنه نسي جميع ما مر به من أحزان وشقاء، عندما رأى الجنة ونعيمها وجمالها لحظة واحدة.

إن أول ما يصيب المؤمن من نعيم الجنة حين يدخلها، هو أنه يدخلها زمرة وجماعة مع المؤمنين أصحابه وأحبابه، يدخلون فيزيد جمال كل واحد فيهم، كانهم أقمار في ليلة البدر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أول زمرة تدخل الجنة من أمتي، على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد نجم، في السماء، إضاءة، ثم هم بعد ذلك منازل ) ، ثم إذا دخلوا لم يعودوا يتغوطون ولا يتبولون، لا يصيبهم الأذى أبداً، ويتزوج كل رجل منهم كما في الحديث الصحيح زوجتان، لا يتباغضون، ولا يخلتفون .

كلهم على قلب رجل واحد، يتفاوتون في المنازل والدرجات، ويكون أقل واحد منهم حظاً في النعيم كملك أعظم الملوك في الدنيا، ومثله عشر مرات، فذلك أدناهم منزلة وأجراً. والجنة قد تزينت وتهيأت لساكنيها، فكان بناؤها من لبن الفضة والذهب، وترابها المسك والزعفران، حصباؤها اللؤلؤ ... والجواهر، ثمار شجارها كالقلال، ألين من الزبد، وأحلى من العسل، ساق الشجر فيها من الذهب والفضة، وأنهارها جارية من اللبن والخمر والعسل، وشراب أهل الجنة التسنيم والكافور والزنجبيل .... ، وطعامهم الفاكهة واللحوم، وتوجد شجرة في الجنة تظل للراكب المجد مسيرة مئة عام لا يقطعها، وأما الخدم والغلمان فهم حسان مخلدون لهم، وصفهم الله - تعالى بأنهم كاللؤلؤ المكنون لجمالهم، وإذا كان ذاك الوصف للخدم، فالوصف أعظم للحور والزوجات، فإنهن الكواعب الأتراب، قد أذن الله - تعالى أن يبقين في سن الشباب، يرى لجمالها من ساقها من وراء اللحم، فهي كالياقوت والمرجان، بحيث لا تبصق، ولا تتمخط، ولا تحيض، لم يطمئها قبل المؤمن إنس ولا جان، ولقد وصف الله تعالى جنته في كثير من المواضع في القرآن الكريم، منها قوله: (في جَنَّةٍ عَالِيَةٍ لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةً فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةً وَأَكْوَابٌ مُوْضُوعَةٌ وَنَمَارِقُ مَصفُوفَةٌ وَزَرَابِي مَبْثُوثَةٌ).

المبحث الثالث : أعظم جزاء يثاب عليه المؤمن

ما هو أعظم جزاء يثاب عليه المؤمن يوم القيامة ؟

• النظر إلى وجه الله تعالى :

يعد النظر إلى وجه الله تعالى من أعلى وأكرم النعم، وأعظم جزاء يثاب به المؤمن يوم القيامة، وقد فسر رسولنا الكريم (الزيادة) الواردة في الآيات الكريمة في قول الله تعالى: (الَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة) سورة يود، اية ٢٦. 

بأنها متمثلة في النظر في وجهه تعالى الكريم، فينسى المسلم كل نعيم قد رأه في الجنة حينما يرى الله تعالى صح النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل أهل الجنة الجنَّة نادى مناد يا أهل الجنة إنَّ لَكُم عند الله موعِدًا يريدُ أن ينجز كموه فيقولون: ما هو ؟ ألم يبيض وجوهنا ويثقل موازيننا ويُدخلنا الجنة ويُجزنا من النار ؛ قال فيكشف الحجاب فينظرون إليه فما أعطاهم شيئًا أحب إليهم من النظر إليه وهي الزيادة ).

المبحث الرابع : أبدية الجنة ودوام نعيمها

• أبدية الجنة ودوام نعيمها :

ثبت في أبدية نعيم الجنة حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يُدْخِلُ اللهُ أهْل الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وَيُدْخِلُ أَهْلَ النَّارِ النار، ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنُ بَيْنَهُمْ فيقول: يا أهل الجنة لا موت، ويا أَهْلَ النَّارِ لا مَوْتَ كل خالد فيما هو فيه) ، فنعيمها لا يفنى، ولا ينقطع، دائم أبد الآبدين، ويجب على المسلم التصديق الجازم بأبدية الجنة ونعيمها فلا موت فيها.

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (2.0مليون نقاط)
 
أفضل إجابة

الفصل الثاني :

المبحث الأول : صفات أهل الجنة

صفات أهل الجنة في القرآن الكريم : 

بيان صفات أهل الجنة ما يأتي:

• الخلود في الجنة، وعدم الخروج منها :

قال الله - عز وجل: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) سورة الطلاق، أية : ۱۱ ، أي دائمون باقون فيها ملازمون لها لا يخرجون منها، وقال الله عز وجل: (وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ) سورة الحجر، آية ٤٨. 

• لا غل ولا حقد في قلوبهم :

١- قال الله - عز وجل: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ متقابلين) سورة الحجر، آية: ٤٧. 

، ولقد طهرنا قلوبهم من الحسد والغل والكراهية، فاجتمعوا فيها على المحبة والصفاء، يجلسون على سرر متقابلين ويتزاورون ويتواصلون يأمنون من التحاسد والتباغض؛ لأنه قد فقدت أسبابه.

• لا يموتون :

قال الله - عز وجل: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الجحيم) سورة الدخان، اية ٥٦، أي لا يذوقون في الجنة الموت البتة لأنهم خالدون فيها، إلا الموتة الأولى أي لكن الموتة الأولى قد ذاقوها في الدنيا، وكذلك لا ينامون؛ لأن النوم كالموت كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

• لا يخافون ولا يحزنون :

١- قال الله - عز وجل: (بلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) 1 سورة البقرة آية : ١١٢. 

، أي لا يخافون من ما هو آت ولا يحزنون على ما فات.

• فاكهون ومشتغلون بنعيم الجنة :

قال الله - عز وجل-: (إن أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ) سورة يس آية: ٥٥

، أي في شأن كبير من المسرة والنعيم فاكهون أي مرحون في عيش ناعم.

• أزواجهم مطهرة :

قال الله - عز وجل: (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) سورة البقرة آية : ١٢٥. 

أي إن أزواجهم مطهرة من الحيض والنفاس.

• لباسهم الحرير :

والسندس والذهب، قال الله - عز وجل: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أساور مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَريرٌ) سورة فاطر، آية : ٣٣.

• وجوههم مبيضة بيضاء :

قال الله - عز وجل: (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) سورة آل عمران، آية : ١٠٦ .

• لا يتعبون :

قال الله - عز وجل: (لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ ) سورة الحجر، أية ٤٨ ، أي لا يمسهم الإعياء والتعب.

• جزاء الله تعالى :

خلق الله عز وجل الدارين الدنيا والآخرة وجعل الدنيا دار ابتلاء واختبار ليميز الخبيث من الطيب وهو أعلم بخلقه، وجعل الآخرة دار حساب وجزاء على اختبار وابتلاء هذه الدنيا، قال الله - عز وجل: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) سورة الملك آية : ٢ . 

وهذا الجزاء هو الجنة والنار فالمؤمن - بالله عز وجل - يدخل الجنة والكافر يدخل النار، والجنة هي دار المتقين الصالحين المؤمنين، وهذه الجنة لها مراتب ودرجات يتفاوت فيها المؤمنون بحسب أعمالهم الصالحة التي قدموها في الدنيا.

• ثواب المتقين المؤمنين :

أعد الله عز وجل لعباده المتقين في جنات النعيم ما تشتهي الأنفس وتلذ به الأعين، قال الله - عز وجل: (وَفِيها ما تشتهيه الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) سورة الزخرف، آية: ٧١

، وقال الله - عز وجل: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِي لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سورة السجدة آية : ١٧. 

وعن سهل بن سعد الساعدي قال: شهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً وصف فيه الجنة حتى انتهى، ثم قال صلى الله عليه وسلم في آخر حديثه: (فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر).

المبحث الثاني : انهار الجنة وعيونها

• الأنهار والعيون الممتدة في الجنة :

هناك العديد من الآيات والأحاديث الشريفة التي تحدثت عن شكل الجنة و وصفها ، والينابيع و العيون الممتدة بها ، إمعانا في وصف النعيم المقيم الذي ينتظر المقيمين بداخلها.

• أنهار الجنة و عيونها :

أنهار الجنة:

وبين تلك القصور الذهبية، والخيام البهية تجري أنهار عذبة لذة، أعدها الله للمؤمنين، ونوع أجناسها وشرابها، فمنها الماء ومنها العسل ومنها الخمر ومنها اللبن . قال تعالى: (مثلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارُ مِنْ لَبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرُ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارُ مِنْ عَسَلٍ مصفى) سورة [محمد: ۱۰]. 

فماء الدنيا ياسن من طول مكثه، لكن مياه أنهار الجنة لا تأسن .. ولبن الدنيا تصيبه الحموضة إذا طال مكثه، لكن لبن الآخرة لا يتغير طمعه، خمر الدنيا كريهة المذاق كريهة الرائحة، أما خمر الجنة ففيها من اللذة ما يبعث على الشرب، وعسل الدنيا تصيبه الأخلاط فلا يصفو، أما عسل الجنة فصاف لامع طري .. فاين هي الدنيا من الآخرة؟!

وكيف يحرص عاقل على لذة ناقصة فانية ويترك اللذة الكاملة الباقية؟!

«فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور».. 

وقد أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه في إسرائه - صلى الله عليه وسلم -: «رأى أربعة أنهار يخرج من أصلها نهران ظاهران و نهران باطنان، فقلت: يا جبريل ما هذه الأنهار ؟ قال: أما النهران الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات» . 

وتأمل أخي في هذه الأنهار وما أودع الله فيها من خيرات لم تجر العادة بمثلها في الدنيا، وتأمل فيها وهي تجري في الجنة من غير أخدود، تحت القصور والمنازل والغرف وتحت الأشجار ، قال تعالى: (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) سورة البقرة: (٢٠). 

وقال سبحانه (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) سورة التوبة: ٢٠٠. 

وقال سبحانه (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ) سورة (الكيف: (٣١). 

أما الكوثر فهو نهر من أنهار الجنة أعطاه الله سبحانه وتعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) سورة الكوثر: 1. 

وعن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بينما أنا أسير في الجنة إذ أنا بنهر حافتاه قباب الدرر المجوف، قلت ما هذا يا جبريل قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فإذا طيبه أو طينه مسك أذفر» .

واعلم أخي الكريم أن هذه الأنهار تنساب متفجرة من الأعلى، ثم تنحدر في نزول، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة» .

وأخبر - صلى الله عليه وسلم - كذلك أن هذه الأنهار تنشق من أربعة بحور، قال

- صلى الله عليه وسلم -:

«إنَّ في الجنة بحر العسل وبحر الخمر وبحر اللبن وبحر الماء، ثم تنشق الأنهار بعد» . 

فشمر أخي عن ساعد الجد؛ فإن الأمر جلل، وإن الجنة حق، ونعيمها صدق. 

أخي الكريم:

لقد خلق الله الجنة وأورثها عباده الصالحين وجعلهم فيها متفاضلين متفاوتين ولذلك كانت الجنة درجات يفضل بعضها بعضا، وكل ذلك كان فضلاً من ربك وعدلاً؛ ليشمر ويثابر من اشتاقت نفسه إلى الجنة وعلت همته لأعلى درجاتها، في ذلك النعيم المقيم قال تعالى: (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَام) سورة (طه: ٧٥). 

عيون الجنة:

قال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ).

وقال سبحانه: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا).

قال بعض السلف معهم قضبان من حديد، حيثما مالوا مالت معهم. 

أخي الحبيب

ما بالك بقوم سلكوا طريق النجاة وتزودوا بالطاعات واتقوا ربهم حق التقاة؛ فأورثهم الله تلك الجنات، تتفجر عيونها كل حين، تارة تمزج بالكافور فتكون باردة طيبة الرائحة، وأخرى بالزنجبيل فتكون حارة طيبة الرائحة .. قال تعالى: (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا).

وقال سبحانه (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ) سورة الحجر: ٠١٥

فأحسن أخي الكريم يحسن الله إليك، وصف سعيك إلى الجنة بالصدق والإخلاص والعمل الصالح يسقيك الله من عيونه وشراب جنته.

صفى المُقَرَّبُ سَعِيَهُ فَصَفَا لَهُ

ذاك الشَّرابُ فَتِلْكَ تَصْفِيتَانِ

وفي الجنة عينان:

الأولى عين الكافور .. قال تعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفْجَرُونَهَا تَفْجِيرًا). 

وهذه العين يشرب منها المقربون الماء الخالص، وأما الأبرار فيشربونه ممزوجًا.

الثانية عين التسنيم .. قال تعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَصْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَّحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾.

0 تصويتات
بواسطة (2.0مليون نقاط)

المبحث الثالث : قصور الجنة وثمارها

• قصور الجنة :

أما قصور الجنة فهي من ذهب ولؤلؤ وزبرجد وفضة، فلا يعلم حسنها وبهاءها إلا الذي خلقها وبناها سبحانه وتعالى, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دخلت الجنة، فإذا أنا بقصر من ذهب، فقلت: لمن هذا القصر ؟ قالوا: لشاب من قريش، فظننت أني أنا هو فقلت: ومن هو ؟ قالوا: عمر بن الخطاب».

أخي الحبيب

بادر بالطاعات قبل فوات الأوان، واطمع فيما عند الله من جنات ونعيم؛ فإنما الدنيا لحظات وثوان، وإنما أنت عابر سبيل.

• غرف الجنة:

وأما غرف الجنة فلا تسل عن قوة بنائها وإحكام أركانها وبهاء منظرها وتلألؤ مظهرها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغائر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم» .. قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال: «بلى، والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين» .

فتأمل أخي الكريم:

في مكان هذه الغرف، إنها كالكواكب في علوها وتلألؤها وانسيابها في الفضاء نعم، إنها عالية شامخة، أعدها الله للمؤمنين لما استعلوا عن الكفر والفجور والفسق، لما خضعوا الله في الدنيا بفعل الأوامر وترك النواهي، رفع الله قدرهم وأسكنهم في تلك الغرف المتعالية .. واقرأ إن شئت أخي الكريم قول الله جل وعلا: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةً} سورة (الزمر: ٢٠)

ألا يَا عَينُ وَيَحَكِ أَسعديني

بغزر الدمع في ظلم الليالي

لَعَلَّكَ فِي الْقِيَامَةِ أَنْ تَفُوزي

بخير الدار في تلك العلالي

فشمر يا عبد الله؛ فإن سلعة الله غالية، وإن ثمنها تقوى الله وطاعته، وإنها ليسيرة على من يشرها الله عليه واستبق هذا الخير العظيم وهذا النعيم المقيم، فإنه لحمق وغرور أن يستبدل المرء هذه الدنيا وهذا الخراب بما عند الله من بديع الغرف الأمنة الهنيئة .. قال تعالى: {فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضَعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ سورة (سبا: ۱۳۷).

• خيام الجنة:

والجنة مساكن تتلألأ ، فكما أن غرفها كالكواكب الغائرة فكذلك خيامها لالى مجوفة .. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها في السماء ستون ميلاً، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا» .

إنها لؤلؤة واحدة على شكل خيمة طولها ستون ميلاً.

فتأمل أخي، وانظر كيف سيكون إعجابك بها حين تدخلها، وكيف تكون نشوتك وسعادتك وأنت ساكنها وحولك الحور العين تستأنس بهن وتسمع غناءهن ولحنهن الأخاد؟!

وتنبه أخي إلى أن ثمن دخولك هو الإيمان الذي يستلزم الانقياد الله سبحانه بفعل الخيرات وترك المنكرات والعبودية الله وحده.

واعلم أخي الكريم أن المؤمن لما زهد في الدنيا بقلبه ولم يُزين له حب الشهوات من ذهب وفضة؛ أثابه الله على ذلك الزهد وذلك الورع بأنه أسكنه جنته.

• أشجارها وثمارها :

إلى جانب الأنهار، فإن الكثير من آيات القرآن تذكر الجنة وتقرن ذكرها بالأشجار والثمرات. وهي أشجار كثير ومتنوعة، منها العنب والنخل والرمان، والسدر والطلح كما قال الله عز وجل في كتابه: "فيهما فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ". كما قال عز وجل: " وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَخْضُود وطلح مَنْضُودٍ" والسدر هو شجر النبق الشائك ولكنه في الجنة مخضود أي منزوع شوكه، والطلح شجر في الحجاز فيه شوك.

المبحث الرابع : دواب الجنة .

• حيوانات في الجنة :

الحيوانات التي جاءت الأخبار أنها في الجنة على ثلاثة أقسام :

القسم الأول : ما جاء منها أنها حيوانات مخصوصة بعينها في الجنة مثل : كلب أهل الكهف ، وناقة صالح عليه السلام ، وهذه لم يصح منها شيء .

والقسم الثاني : ما جاء ذكره في القرآن والسنة مما أعده الله للمؤمنين في الجنة ، سواء نص عليها كالطيور كما في قوله تعالى : ( وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ) ، أو أطلق ذكرها كقوله تعالى : ( وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ).

ومثل ذلك - أيضاً - الثور الذي أعده الله تعالى طعاماً لأهل الجنة ، كما جاء عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كنت قائماً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حبر من أحبار اليهود فقال السلام عليك يا محمد فدفعته دفعة كاد يصرع منها ..... قال : فما غذاؤهم على إثرها ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها ....

والقسم الثالث : ما ورد في السنة الصحيحة من النص على بعض الحيوانات بعينها أنها في الجنة ، ومنه : أ. عن أبي هريرة رضي الله عنها قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صلوا في مراح الغنم وامسحوا رغامها فإنها من دواب الجنة ) .

والرغام (بالغين هو التراب ، وروي الرعام (بالعين) وهو ما سال من أنف الشاة. والمعنى : امسحوا عنها التراب ، أو امسحوا ما سال من أنفها ، إصلاحا لشأنها، ورعاية لها . قاله المناوي في فيض القدير " .

ب عن أبي مسعود الأنصاري قال : جاء رجل بناقة مخطومة فقال : هذه في سبيل الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لك بها يوم القيامة سبع مائة ناقة كلها مخطومة.

قال النووي :

قوله : معنى " مخطومة " أي : فيها خطام, وهو قريب من الزمام ، قيل : يحتمل أن المراد له أجر سبعمائة ناقة, ويحتمل أن يكون على ظاهره, ويكون له في الجنة بها سبعمائة كل واحدة منهن مخطومة ، يركبهن حيث شاء للتنزه, كما جاء في خيل الجنة ونجبها ، وهذا الاحتمال أظهر ، والله أعلم .

وحديثا النجائب - وهي الإبل - والخيل الذي أشار إليه النووي هما :

أ. عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أهل الجنة يتزاورون على النجائب بيض كأنهن الياقوت ، وليس في الجنة شيء من البهائم إلا الإبل والطير ".

عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هل في الجنة من خيل ؟ قال : إن الله أدخلك الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت ، قال : وسأله رجل فقال يا رسول الله هل في الجنة من إبل ؟ قال : فلم يقل له مثل ما قال لصاحبه ، قال : إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك.

وقد ورد في أحاديث صحيحة أن أرواح الشهداء في حواصل طير في الجنة تسرح حيث شاءت .

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
1 إجابة
0 تصويتات
1 إجابة
مرحبًا بك إلى مناهل العلم، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.

التصنيفات

...